فصل: باب الاستيلاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاختيار لتعليل المختار ***


باب التدبير

وهو العتق الواقع عن دبر الإنسان‏:‏ أي بعده، وهو مأخوذ منه؛ وحقيقته أن يعلق عتق مملوكه بموته على الإطلاق‏.‏ والأصل في جوازه أنه عتق معلق بشرط فصار كالمعلق بدخول الدار، ولأنه وصية للعبد برقبته فصار كغيره من الوصايا، وهو إيجاب العتق للحال، وتأخير ثبوته إلى ما بعد الموت، لأن ثبوته بعد الموت يستدعي إعتاقا، والميت ليس أهلا له، فلا بد من أن ينعقد التدبير سببا للحرية في الحال ليستفاد منه الحرية في المآل بخلاف المدبر المقيد لأنه ينعقد سببا للحرية في آخر جزء من أجزاء حياته، لأن عتقه معلق بموت موصوف بصفة وأنه مشكوك فيه فلا يفضي إلى الموت قطعا فتعذر اعتباره سببا‏.‏ أما الموت المطلق كائن لا محالة فكان مفضيا إلى الموت فأمكن اعتباره سببا للحال‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا قال لعبده‏:‏ إذا مت فأنت حر، أو أنت حر عن دبر مني، أو أنت مدبر، أو قد دبرتك، أو أنت حر مع موتي، أو عند موتي، أو في موتي، أو أوصيت لك بنفسك، أو برقبتك، أو بثلث مالي، فقد صار مدبرا‏)‏ أما لفظ التدبير فهو صريح فيه كلفظ العتق في الإعتاق؛ وأما تعليق الحرية بالموت فلأنه معنى التدبير؛ وأما مع موتي فلأنها للقران والشروط لا بد من تقديمها، فكأنه قال‏:‏ بعد موتي وأنه تدبير، وعند موتي تعليق العتق بالموت، ولا بد من وجوده أولا وفي موتي، لأن حرف الظرف إذا دخل على الفعل جعله شرطا، وكذلك إذا ذكر مكان الموت الوفاة أو الهلاك لأن المعنى واحد‏.‏ وأما الوصية بالرقبة ونحوها فلأن العبد لا يملك رقبة نفسه، والوصية تقتضي زوال ملك الموصي وانتقاله إلى الموصى له، وأنه في حق العبد حرية مثل قوله‏:‏ بعت نفسك منك، أو وهبتها لك‏.‏ وأما الوصية بالثلث ونحوه فلأنه يقتضي ملكه ثلث جميع ماله ورقبته من ماله فيملكها فيعتق، وكذلك بسهم من ماله لأنه عبارة عن السدس؛ ولو قال؛ بجزء من ماله لا يكون تدبيرا، لأنه عبارة عن جزء مبهم والتعيين إلى الورثة فلا تكون رقبته داخلة في الوصية لا محالة‏.‏ وروى الحسن عن أبي حنيفة إذا قال‏:‏ إذا مت ودفنت أو غسلت أو كفنت فأنت حر ليس بتدبير لأنه علق العتق بالموت وبمعنى آخر، والقياس أن لا يعتق بالموت، لأن التدبير تعليق بالموت على الإطلاق وهذا تعليق بالموت، ومعنى آخر

فصار كما إذا قال‏:‏ إذا مت ودخلت الدار، لكن استحسن أن يعتق من الثلث لأنه علق العتق بالموت وبصفة توجد عند الموت قبل استقرار ملك الورثة، فصار كما إذا علقه بالموت بصفة، بخلاف دخول الدار، لأنه لا تعلق له بالموت فصارت يمينا فتبطل بالموت كسائر الأيمان، وفي اختلاف زفر ويعقوب إذا قال‏:‏ أنت حر إن مت أو قتلت‏.‏ قال أبو يوسف‏:‏ ليس بمدبر‏.‏ وقال زفر‏:‏ هو مدبر لأنه علقه بالموت لا محالة‏.‏ ولأبي يوسف أنه علق العتق بأحد أمرين فصار كقوله‏:‏ إن مت أو مات زيد، وإذا صح التدبير لا يجوز له إخراجه عن ملكه إلا بالعتق، لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏المدبر لا يباع ولا يوهب ولا يورث وهو حر من الثلث‏)‏ ولأنه سبب للحرية في الحال على ما بينا، وأنه كائن لا محالة، وفي الهبة والبيع إبطاله فلا يجوز، ولأنه أوجب له حقا في الحرية فيمنع البيع كالكتابة والاستيلاد، وإذا ثبت هذا فنقول‏:‏ كل تصرف يجوز أن يقع في الحر يجوز في المدبر كالاستخدام والإجارة والوطء، لأن حق الحرية لا يكون أكثر من الحرية، وكل تصرف لا يجوز في الحر لا يجوز في المدبر إلا الكتابة على ما نبينه كالبيع والهبة والرهن‏.‏ أما البيع والهبة فلما بينا؛ وأما الرهن فلأن المقصود منه الاستيفاء، وما لا يجوز بيعه لا يمكن الاستيفاء منه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وتجوز كتابته‏)‏ لأنها تعجيل الحرية المؤجلة، وله ذلك كما لو نجز العتق ‏(‏وإذا ولدت المدبرة من مولاها صارت أم ولد له وسقط عنها التدبير‏)‏ لأنه خير لها فإنه زيادة وصف وتأكيد، لأنه تثبت به الحرية بعد الموت بالإجماع ‏(‏ولا تسعى في شيء أصلا، وله استخدامها وإجارتها ووطؤها‏)‏ لأن ملكه ثابت فيها فتنفذ هذه التصرفات ولما بيناه آنفا ‏(‏وكسبها وأرشها للمولى‏)‏ لأنها باقية على ملكه، وإنما تستحق الحرية عند وجود الشرط وقبله هي كالأمة، وللمولى تزويجها بغير رضاها لأنه يملك منافع بضعها، ويملك وطأها وذلك جائز في الحرة أيضا، وولد المدبرة مدبر بإجماع الصحابة، ولأنه وصف لازم فيها فيتبعها فيه كالكتابة‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا مات المولى عتق من ثلث ماله‏)‏ لما روينا من الحديث‏.‏ ولأنه علق عتقه بالموت فكان وصية، والوصية تعتبر من الثلث ‏(‏فإن لم يخرج‏)‏ من الثلث ‏(‏فبحسابه‏)‏ معناه‏:‏ يحسب ثلث ماله فيعتق منه بقدره ويسعى في باقيه ‏(‏وإن كان على المولى دين سعى في كل قيمته‏)‏ لما بينا أنه وصية والدين مقدم على الوصية، والمراد دين يحيط بالتركة، والحرية لا يمكن ردها فوجب عليه السعاية رعاية للجانبين‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو دبر أحد الشريكين وضمن نصف شريكه ثم مات عتق نصفه بالتدبير وسعى في نصفه‏)‏ لأن نصفه على ملكه عنده من غير تدبير، وعندهما يعتق جميعه بالتدبير، لأن تدبير بعضه تدبير الجميع وهو فرع تجزي الإعتاق ‏(‏وإن قال له‏:‏ إن مت من مرضي هذا أو في سفري هذا، أو إن مت إلى عشرين سنة فهو تعليق‏)‏ وهو التدبير المقيد ‏(‏يجوز بيعه‏)‏ لما بينا أنه ليس بسبب للحال فلا يكون البيع والتصرفات إبطالا للسبب، ولأنه لم يستحق حق الحرية لا محالة فلا يكون البيع إبطالا لحق الحرية فيجوز بخلاف المدبر المطلق ‏(‏فإن مات على تلك الصفة عتق‏)‏ لوجود الشرط من الثلث لما بينا‏.‏ وذكر أبو الليث في النوازل، والحاكم في المنتقى لو قال لعبده‏:‏ إن مت إلى مائتي سنة فأنت حر، فهو مدبر مقيد، وهو قول أبي يوسف فيجوز بيعه‏.‏ وقال الحسن بن زياد‏:‏ هو مدبر مطلق لا يجوز بيعه، والمختار أنه متى ذكر مدة لا يعيش إليها غالبا فهو مدبر مطلق لأنه كالكائن لا محالة‏.‏

باب الاستيلاد

وهو في اللغة‏:‏ طلب الولد مطلقا، فإن الاستفعال طلب الفعل‏.‏ وفي الشرع‏:‏ طلب الولد من الأمة، وكل مملوكة ثبت نسب ولدها من مالك لها أو لبعضها فهي أم ولد له لأن الاستيلاد فرع لثبوت الولد، فإذا ثبت الأصل ثبت فرعه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏لا يثبت نسب ولد الأمة من مولاها إلا بدعواه‏)‏ لأنه لا فراش لها، فإن غالب المقصود من وطء الأمة قضاء الشهوة دون الولد، فإن أشراف الناس يمتنعون من وطء الإماء تحرزا عن الولد لئلا يعير ولده بكونه ولد أمة، فيشترط لثبوته دعواه لهذا المعنى، ولهذا جاز له العزل في الأمة دون الزوجة، لأن المراد من وطء الزوجة طلب الولد غالبا‏.‏ قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏تناكحوا تكثروا‏)‏ إشارة إلى أن المراد من شرعية النكاح التوالد والتناسل، ثم إن كان يطؤها ولا يعزل عنها لا يحل له نفيه فيما بينه وبين الله تعالى، ويلزمه أن يعترف به لأن الظاهر أنه منه، وإن كان يعزل عنها ولم يحصنها جاز له النفي لتعارض الظاهرين وقال أبو يوسف‏:‏ إن كان يطؤها ولم يحصنها أحب إليّ أن يدعيه‏.‏ وقال محمد‏:‏ أحب إليّ أن يعتق ولدها ويستمتع بها فإذا مات أعتقها‏.‏ لأبي يوسف أنه يجوز أن يكون منه فلا ينفيه بالشك‏.‏ ولمحمد أنه يجوز أن يكون منه ويجوز أن لا يكون منه فلا يجوز التزامه بالشك‏.‏ أما العتق فيحتمل أن يكون عبدا ويحتمل أن يكون حرا فلا يسترقّه بالشك، ويستمتع بالأم لأنه مباح له وإن ثبت نسبه، فإذا مات أعتقها حتى لاتسترق بالشك‏.‏ ‏(‏فإذا اعترف به صارت أم ولده، فإذا ولدت منه بعد ذلك ثبت بغير دعوة‏)‏ لأنه لما ادعى الأول وثبت نسبه تبين أنه قصد الولد فصارت فراشا فيثبت بغير دعوة كالمنكوحة ‏(‏وينتفي بمجرد نفيه بغير لعان‏)‏ لأن فراشها ضعيف حتى يقدر على إبطاله بالتزويج وبالعتق فينفرد بنفيه، بخلاف النكاح فإن فراشه قوي لا يملك إبطاله فلا ينتفي ولده إلا باللعان؛ ولو أقر أن أمته حبلى منه ثم جاءت بولد لستة أشهر ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له، ولأكثر من ستة أشهر لا، وسواء كان الولد حيا أو ميتا أو سقطا قد استبان خلقه أو بعض خلقه إذا أقر به وهو بمنزلة الكل لأن السقط تتعلق به أحكام الولادة على ما مر، وإن لم يستبن شيء من خلقه وألقته مضغة أو علقة فادعاه لم تصر أم ولد له، رواه الحسن عن أبي حنيفة لأنه يحتمل أن يكون دما أو لحما فلا يثبت الاستيلاد بالشك، ولو حرم وطؤها عليه بعد ذلك بوطء أبيه أو ابنه، أو بوطئه أمها أو بنتها لم يثبت نسب ما تلده بعد ذلك إلا بالدعوة لأن فراشها انقطع؛ وإذا ولدت الأمة من رجل ولدا لم يثبت نسبه منه بأن زنى بها ثم ملكها وولدها عتق الولد وجاز له بيع الأم‏.‏ وقال زفر‏:‏ لا يجوز لأن الحرية تثبت للولد بالولادة فيثبت لأمه الاستيلاد كالثابت النسب‏.‏ ولنا أن الاستيلاد يتبع النسب ولهذا يضاف إليه، فيقال أم ولده، وهو الذي يثبت لها الحرية، قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏أعتقها ولدها‏)‏ ولم يثبت النسب فلا يثبت التبع‏.‏ وأما حرية الولد فلأنها تثبت بحكم الجزئية، وصار كما لو أعتقه بالعتق‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولا يجوز إخراجها من ملكه إلا بالعتق‏)‏ فلا يجوز بيعها ولا هبتها ولا تمليكها بوجه ما‏.‏ والأصل في ذلك ما روى محمد بن الحسن بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق أمهات الأولاد من جميع المال، وقال‏:‏ ‏(‏لا يعرن ولا يبعن‏)‏ وعن عمر رضي الله عنه أنه كان ينادي على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألا إن بيع أمهات الأولاد حرام، ولا رق عليها بعد موت مولاها، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فحل محل الإجماع‏.‏ وعن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال حين ولدت أم إبراهيم‏:‏ ‏(‏أعتقها ولدها‏)‏‏.‏ وعن سعيد بن المسيب ‏(‏أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بعتق أمهات الأولاد، ولا يسعين في الدين، ولا يجعلن من الثلث‏)‏‏.‏ وروى عبيدة السلماني قال‏:‏ قال علي بن أبي طالب‏:‏ اجتمع رأيي ورأي عمر في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عتق أمهات الأولاد، ثم رأيت بعد أن يبعن في الدين، فقال عبيدة السلماني‏:‏ رأيك ورأي عمر في جماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة، قال علي رضي الله عنه‏:‏ إن السلماني لفقيه، ورجع عن ذلك‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وكتابتها‏)‏ لأن الملك قائم فيها كالمدبرة، فإن كل واحد منهما عتق معلق بالموت، والكتابة تعجيل العتق على ما بيناه في المدبر، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يفارق مارية بعد ما ولدت‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وتعتق بعد موته من جميع المال، ولا تسعى في ديونه‏)‏ لما تقدم من الأحاديث ‏(‏وحكم ولدها من غيره بعد الاستيلاد حكمها‏)‏ لما تقدم أن الحكم المستقر في الأم يسري إلى الولد‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا أسلمت أم ولد النصراني سعت في قيمتها وهي كالمكاتبة‏)‏ لا تعتق حتى تؤدي‏.‏ وقال زفر‏:‏ تعتق للحال والسعاية دين عليها، لأن زوال رقه عنها واجب بالإسلام إما بالبيع أو بالإعتاق، وقد تعذر البيع بالاستيلاد فتعين العتق‏.‏ ولنا أن ما قلناه نظر لهما، لأن ذل الرق يندفع عنها بجعلها مكاتبة لأنها تصير حرة يدا، ويندفع الضرر عن الذمي فتسعى في الأداء لتنال الحرية، ولو قلنا بعتقها في الحال وهي معسرة تتوانى عن الاكتساب والأداء إلى الذمي فيتضرر، وهي وإن لم تكن متقومة فهي محترمة وهو يكفي للضمان، كما إذا عفا أحد الشركاء عن القصاص يجب المال للباقين، وهذا إنما يجب عليها إذا عرض عليه الإسلام فأبى حتى يجب زوال ملكه عنها؛ أما إذا أسلم فهي أم ولده على حالها كما قلنا في النكاح‏:‏ ‏(‏ولو مات سيدها عتقت بلا سعاية‏)‏ لأنها أم ولد‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو تزوج أمة غيره فجاءت بولد ثم ملكها صارت أم ولد له‏)‏ وكذا لو استولدها بملك يمين ثم استحقت ثم عادت إلى ملكه فهي أم ولد له، لأن نسب الولد ثابت منه فتثبت أمية الولد لأنها تتبعه على ما مر، ولأن الاستيلاد حرية تتعلق بثبوت النسب، فإذا جاز أن يثبت النسب في غير الملك جاز أن يثبت ما يتعلق به أيضا تبعا له، بخلاف ما إذا ولدت منه من زنا على ما بينا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو وطئ جارية ابنه فولدت وادعاه ثبت نسبه وصارت أم ولد له، وعليه قيمتها دون عقرها وقيمة ولدها‏)‏ لأن للأب أن يتملك مال ابنه للحاجة إلى البقاء للمأكل والمشرب، فله أن يتملك جاريته للحاجة إلى صيانة مائه وبقاء نسله، لأن كفاية الأب على ابنه لما مر في النفقات، إلا أن حاجته إلى صيانة مائه وبقاء نسله دون حاجته إلى بقاء نفسه، فلهذا قلنا يتملك الجارية بقيمتها، والطعام بغير قيمة، ويثبت له هذا الملك قبيل الاستيلاد ليثبت الاستيلاد، ولأن المصحح للاسيتلاد إما حقيقة الملك أو حقه، ولا بد من ثبوته قبل العلوق ليلاقي ملكه فيصح الاستيلاد، وإذا صح في ملكه لا عقر عليه ولا قيمة الولد لما أن العلوق حدث على ملكه؛ ولو أن الابن زوجها من الأب فولدت منه لم تصر أم ولد لأن ماءه صار مصونا بالنكاح فلا حاجة إلى الملك ولا قيمة عليه لأنه لم يملكها، وعليه المهر لأنه التزمه بالنكاح وولدها حر لأنه ملكه أخوه فيعتق عليه لما بيناه؛ وأصله أن هذا النكاح صحيح لأنه لا ملك للأب فيها، لأن الابن يملك فيها جميع التصرفات وطئا وبيعا وإجارة وعتقا وكتابة وغير ذلك، والأب لا يملك شيئا من ذلك، وأنه دليل انتفاء ملك الأب وعدم وجوب الحد على الأب بوطئها للشبهة، وإذا انتفى ملك الأب جاز نكاحه كما إذا تزوج الابن جارية الأب‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏والجد كالأب عند انقطاع ولايته‏)‏ لأنه يقوم مقامه ومع ولايته لا ولاية للجد، والولاية تنقطع بالكفر والرق والردة واللحاق والموت‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏جارية بين اثنين ولدت فادعاه أحدهما ثبت نسبه‏)‏ لأنه لما ثبت النسب في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي لأنه لا يتجزى، لأن سببه وهو العلوق لا يتجزى، فإن الولد الفرد لا ينعلق من ماء رجلين وصارت أم ولد له وهذا عندهما ظاهر، لأن الاستيلاد لا يتجزى، وأما عنده فنصيبه يصير أم ولد ويتملك نصيب صاحبه لأنه قابل للملك فيكمل له فيصير الكل أم ولد ‏(‏وعليه نصف قيمتها‏)‏ لأنه تملكه ‏(‏و‏)‏ عليه ‏(‏نصف عقرها‏)‏ لوطئه جارية مشتركة لأن الملك يتعقب الاستيلاد حكما له ‏(‏ولا شيء عليه من قيمة ولدها‏)‏ لأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق ولم ينعلق شيء منه على ملك شريكه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن ادعياه معا صارت أم ولد لهما‏)‏ لصحة دعوى كل واحد منهما في نصيبه في الولد، والاستيلاد يتبع الولد ‏(‏ويثبت نسبه منهما‏)‏ لما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى شريح في هذه الحادثة‏:‏ لبسا فلبس عليهما، ولو بينا لبين لهما، هو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما، وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير فكان إجماعا، ومثله عن علي رضي الله عنه أيضا، ولأنهما مستويان في سبب الاستحقاق وهو الملك فيستويان في الاستحقاق‏.‏ وما روي من حديث المدلجي وأسامة بن زيد وفرح النبي عليه الصلاة والسلام‏.‏ قلنا‏:‏ لم يثبت ذلك عنده عليه الصلاة والسلام بقول القائف، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يعلم ذلك ولكن المشركون كانوا يطعنون في نسب أسامة، فكان قول القائف قاطعا لطعنهم، لأنهم كانوا يعتقدونه في الجاهلية لا أنه حكم شرعي، فلذلك فرح النبي صلى الله عليه وسلم، وأما كون النسب لا يتجزأ فتعلق به أحكام متجزئة، فما لا يتجزأ يثبت في حق كل واحد منهما كملا، وما يقبله يثبت في حقهما متجزئا عملا بالدلائل بقدر الإمكان‏.‏ ‏(‏وعلى كل واحد منهما نصف عقرها‏)‏ ويسقط قصاصا بما له على الآخر، إذ لا فائدة في قبضه وإعطائه ‏(‏ويرث من كل واحد منهما كابن‏)‏ لأنه لما أقر أنه ابنه فقد أقر له بميراث ابن ‏(‏ويرثان منه كأب واحد‏)‏ لاستوائهما في الاستحقاق كما إذا أقاما البينة، فإن كانت الجارية بين أب وابن فهو للأب ترجيحا لجانبه لما له من الحق في نصيب الابن كما تقدم، وإن كانت بين مسلم وذمي فهو للمسلم ترجيحا للإسلام‏.‏ وقال زفر‏:‏ هما سواء في المسألتين لاستوائهما في الملك الموجب‏.‏ قلنا دعوة الأب راجحة بدليل أنه لو ادعى نسب ولد جارية الابن يصح وبالعكس لا، والمسلم راجح بالإسلام ولأنه أنفع للصغير‏.‏

كتاب المكاتب

الكتابة مستحبة مندوبة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 33‏]‏ والمراد الندب، لأن الإيجاب غير مراد بالإجماع، ولو حملناه على الجواز يلزم ترك العمل بالشرط لأنها جائزة بدونه بالإجماع، وقوله‏:‏ ‏{‏إن علمتم فيهم خيرا ‏(‏خرج مخرج العادة، أو نقول‏:‏ إن لم يعلم فيه خيرا فالأفضل أن لا يكاتبه، ولما فيها من السعي في حصول الحرية ومصالحها، وهي مشروعة بما تلونا من الكتاب وبالسنة، وهو قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏من كاتب عبدا على مائة أوقية فأداها كلها إلا عشرة أواق فهو عبده‏)‏ قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ‏'‏ وعلى جوازها الإجماع‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ومن كاتب عبده على مال فقبل صار مكاتبا‏)‏ أما الجواز فلما بينا، وأما شرط القبول فلأنه مال يلزمه فلا بد من التزامه وذلك بالقبول، ولا يعتق إلا بأداء جميع البدل لما روينا من الحديث، فإذا أداه عتق، وإن لم يقل له المولى إن أديته فأنت حر لأنه موجب العقد فيثبت من غير شرط كما في البيع‏.‏

‏(‏والصغير الذي يعقل كالكبير‏)‏ وهي فريعة الإذن للصبي العاقل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وسواء شرطه حالا أو مؤجلا أو منجما‏)‏ لإطلاق النصوص؛ وقيد التأجيل زيادة على النص فيرد كما في سائر المعاوضات؛ بخلاف السلم لأن المسلم فيه معقود عليه وهو بيع المفاليس على ما بيناه في السلم، فلا بد من زمان يقدر على تحصيله، أما هنا البدل معقود به فلا يشترط قدرته عليه كالثمن في البيع إذا كان المشتري مفلسا أو أفلس بعد الشراء، ويجوز أن يقترض البدل ويوفيه في الحال؛ أما المسلم فيه لو قدر عليه بأن كان له أو اقترضه لما باعه بأوكس الثمنين ولباعه فيمن يزيد بقيمة الوقت، وإذا كاتبه حالا فكما امتنع من الأداء يرد في الرق لأنه عجز، وعجز المكاتب يوجب رده إلى الرق‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا صحت الكتابة يخرج عن يد المولى دون ملكه‏)‏ حتى يصير أحق بمنافعه وأكسابه، لأن المطلوب من الكتابة وصول المولى إلى البدل ووصول العبد إلى الحرية بأداء بدلها، ولا يتحقق ذلك إلا بفك الحجر عنه وثبوت حرية اليد حتى يتجر ويكتسب ويؤدي البدل، فإذا أدى عتق هو وأولاده بعتقه وخرج عن ملك المولى أيضا عملا بمقتضى العقد كما مر‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا أتلف المولى ماله غرمه‏)‏ لما بينا أن أكسابه له، فيكون المولى فيها كالأجنبي، ولأنه لو لم يضمنه لتسلط على إتلافه فلا يقدر على أداء الكتابة فلا يحصل المقصود بالعقد ‏(‏وإن وطئ المكاتبة فعليه عقرها‏)‏ لأنه من أجزائها وهي أخص بها تحقيقا للمقصود وهو وصولها إلى الأداء، ولهذا لو وطئت بشبهة أو جنى عليها كان عقرها وأرش الجناية لها‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو جنى عليها أو على ولدها لزمه الأرش‏)‏ لما بينا قال‏:‏ ‏(‏وإن أعتق المولى المكاتب نفذ عتقه‏)‏ لبقائه على ملكه رقبة ‏(‏وسقط عنه مال الكتابة‏)‏ لحصول المقصود بدونه وهو العتق، وكذلك لو أبرأه عن البدل أو وهبه منه فإنه يعتق قبل أو لم يقبل لأنه أتى بمعنى العتق وهو إبراؤه من البدل وإسقاطه عنه، إلا أنه إذا قال لا أقبل عتق وبقي البدل دينا عليه لأن هبة الدين ترتد بالرد والعتق لا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وهو كالمأذون في جميع التصرفات‏)‏ ويمنع من التبرعات إلا ما جرت به العادة كما عرف ثم، لأن مقتضاها إطلاق تصرفه في التجارات للاكتساب كالمأذون ‏(‏إلا أنه لا يمتنع بمنع المولى‏)‏ لأن ذلك يؤدي إلى فسخ الكتابة، والمولى لا يملك فسخ الكتابة لأنه من جانبه تعليق العتق فلا يملك فسخه والرجوع عنه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وله أن يسافر‏)‏ لأنه من باب التجارة والاكتساب، وإن شرط المولى أن لا يخرج من بلده فله السفر استحسانا لأنه شرط يخالف موجب العقد، وهو حرية اليد والتفرد بالتصرف فيبطل، إلا أنه لا يفسد العقد لأنه لم يتمكن في صلبه، ومثله لا يفسد الكتابة ‏(‏ويزوج الأمة‏)‏ لأنه من الاكتساب فإنه يوجب لها النفقة والمهر، بخلاف العبد فإنه يوجبهما في رقبته قال‏:‏ ‏(‏ويكاتب عبده‏)‏ لأنه من أنواع الاكتساب فصار كالبيع بل هو أنفع لأنه لا يزول ملكه عنه إلا بعد وصول البدل إليه، وفي البيع يزول الملك بالعقد؛ والقياس أنه لا يجوز لأن مآله إلى العتق فصار كالإعتاق على مال، وجوابه ما قلنا، بخلاف العتق على مال، فإنه بالعتق يخرج عن ملكه، وقد لا يصل إلى البدل لإفلاس العبد وعجزه عن الاكتساب، ولأنه يوجب للمعتق أكثر ما وجب له، والشيء لا يتضمن ما هو فوقه، بخلاف الكتابة فإنه يثبت للثاني مثل ما ثبت له وفيه احتياط‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن أدى قبله فولاؤه للمولى‏)‏ معناه‏:‏ إذا أدى المكاتب الثاني قبل الأول، لأن للمولى فيه نوع ملك فيصح إضافة الإعتاق إليه لأنه مسبب عند تعذر إضافتها إلى المباشر كالوكيل، فإذا أدى الأول بعد ذلك وعتق لم ينتقل إليه الولاء، لأن المولى جعل معتقا بسبب صحيح فلا ينتقل عنه ‏(‏وإن أدى الأول قبله فولاؤه له‏)‏ لأنه إذا أدى الأول عتق وصار أهلا فيضاف إليه لأنه الأصل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن ولد له من أمته ولد فحكمه كحكمه وكسبه له‏)‏ لأنه لو كان حرا عتق عليه، فإذا كان مكاتبا يتكاتب عليه تحقيقا للصلة بقدر الإمكان، وإذا دخل في كتابته كان كسبه له، لأن كسب ولده كسب كسبه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وكذلك ولد المكاتبة معها‏)‏ لأنه ثبت فيها صفة امتناع البيع فيسري إلى الولد كالتدبير ونحوه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو زوج أمته من عبده ثم كاتبهما فولدت دخل في كتابة الأم‏)‏ لرجحان جانب الأم كما مر في الحرية والرق‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن ولدت من مولاها إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت صارت أم ولد له وعجزت نفسها‏)‏ لأنه صار لها جهتا حرية‏:‏ عاجل ببدل الكتابة وآجل بغير بدل وهي أمية الولد فتختار أيهما شاءت، وولدها ثابت النسب من المولى لأن ملكه ثابت في الأم وهو كاف للاستيلاد وهو حر، لأن المولى يملك إعتاق ولدها، فإن عجزت نفسها وصارت أم ولد فحكمها ما تقدم، وإن مضت على الكتابة فلها أخذ العقر لما قدمناه، فإن مات المولى بعد ذلك عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة، وإن ماتت قبله وتركت مالا يؤدى منه بدل الكتابة، وما بقي يرثه ابنها كما عرف، وإن لم يترك وفاء فلا سعاية على الولد لأنه حر، فإن ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا بدعوة لحرمة وطئها عليه، فإن لم يدعه حتى ماتت من غير وفاء سعى الولد الثاني لأنه مكاتب تبعا لها، فلو مات المولى بعدها عتق وبطلت عنه السعاية لأنه في حكم أم الولد‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن كاتب أم ولده جاز‏)‏ لما مر في الاستيلاد ‏(‏فإذا مات سقط عنها مال الكتابة‏)‏ لأنها عتقت بالاستيلاد، والبدل وجب لتحصيل العتق وقد حصل، ويسلم لها الأولاد والأكساب لما بينا، وإن أدت قبل موت المولى عتقت بمقتضى عقد الكتابة ‏(‏وإن كانت مدبرة جاز‏)‏ لما مر في التدبير‏.‏ ‏(‏فإن مات المولى ولا مال له إن شاء سعى في ثلثي قيمته أو جميع بدل الكتابة‏)‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يسعى في الأقل منهما‏.‏ وقال محمد‏:‏ يسعى في الأقل من ثلثي قيمته وثلثي بدل الكتابة، فالتخيير مذهب أبي حنيفة وحده، ومحمد وحده خالف في المقدار، فخلافهم في التخيير بناء على اختلافهم في تجزي الإعتاق؛ فعند أبي حنيفة لما تجزى عتق ثلثه بالموت وبقي ثلثاه فقد توجه له وجها عتق‏:‏ معجل وهو السعاية بالتدبير، ومؤجل ببدل الكتابة فيختار أيهما شاء؛ وعندهما عتق كله لما عتق بعضه، وقد وجب عليه أحد المالين فيؤدي أقلهما لأنه يختار الأقل لا محالة؛ ولمحمد في المقدار أن البدل مقابل بالكل، وقد سلم له الثلث بالتدبير فيسقط بقدره، لأنه ما أوجب البدل في مقابلة الثلثين، ألا ترى أنه لو خرج من الثلث سقط عنه جميع البدل، فإذا خرج ثلثه سقط الثلث وصار كما إذا دبر مكاتبه ومات فإنه يسعى في الأقل من ثلثي القيمة وثلثي البدل كذا هذا‏.‏ ولهما أنه قابل جميع البدل بثلثي رقبته فلا يسقط منه شيء، وهذا لأنه بالتدبير استحق حرية الثلث ظاهرا، والعاقل لا يلتزم المال بمقابلة ما يستحقه من حريته وصار كما إذا طلق امرأته ثنتين ثم طلقها ثلاثا على ألف كانت الألف مقابلة بالواحدة الباقية لدلالة الإرادة كذا هذا، بخلاف ما إذا دبر مكاتبه لأن البدل مقابل بالجميع إذ لا استحقاق له في شيء بالكتابة فافترقا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏في المكاتبة الفاسدة‏]‏

‏(‏وإذا كاتب المسلم عبده على خمر، أو خنزير، أو على قيمة العبد، أو على ألف على أن يرد إليه عبدا بغير عينه فهو فاسد‏)‏ لأن الخمر والخنزير ليسا بمال في حق المسلم فلم يصلحا بدلا، والقيمة مجهولة القدر والجنس والصفة، فصار كالكتابة على ثوب أو دابة فإنه لا يجوز لتفاحش الجهالة كذا هذا‏.‏ وأما الثالثة فمذهب بأبي حنيفة ومحمد‏.‏ قال أبو يوسف‏:‏ هي جائزة ويقسم الألف على قيمة المكاتب وعلى قيمة عبد وسط فيبطل منها حصة العبد ويصير مكاتبا بالباقي، لأنه لو كاتبه على عبد صح وانصرف إلى عبد وسط فكذا يصح استثناؤه منه‏.‏ ولهما أن المستثني مجهول فيوجب جهالة المستثنى منه، ولأن العبد لا يصح مستثنى من الألف، وإنما المستثنى قيمته، والقيمة لا تصلح بدلا فلا تصلح مستثنى‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن أدى الخمر عتق‏)‏ باعتبار التعليق، وإن لم ينص على التعليق، لأن الفاسد معتبر بالجائز كالبيع‏.‏ وقال زفر‏:‏ لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر، لأن القيمة هي البدل‏.‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يعتق بأداء كل واحد منهما، أما الخمر فلأنه بدل صورة، وأما البدل فبدل معنى‏.‏ وعن أبي حنيفة إنما يعتق بأداء عين الخمر إذا قال‏:‏ إن أديتها فأنت حر للتنصيص على التعليق، وفي ظاهر الرواية لم يفصل على ما مر‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا عتق بأداء الخمر فعليه قيمة نفسه‏)‏ كما قلنا في البيع الفاسد إذا هلك المبيع ‏(‏لا ينقص عن المسمى ويزاد عليه‏)‏ لأنه عقد فاسد فتجب القيمة عند الهلاك بالغة ما بلغت كالمبيع فاسدا، ولأن المولى ما رضي بالنقصان والعبد رضي بالزيادة خوفا من بطلان العتق فتجب الزيادة‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة‏)‏ لأنه هو البدل فيعتق كالخمر، وأثر الجهالة في الفساد، بخلاف ما إذا كاتبه على ثوب حيث لا يعتق بأداء ثوب لفحش الجهالة فإنه لا يدري أي ثوب أراد المولى، ولا يثبت العتق بدون إرادته‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏والكتابة على الدم والميتة باطلة‏)‏ لأنهما ليسا بمال أصلا ولا موجب لها، ولو علق العتق بأدائهما عتق بالأداء لوجود الشرط ولا شيء عليه لعدم المالية‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏و‏)‏ الكتابة ‏(‏على الحيوان والثوب كالنكاح‏)‏ إن عين النوع صح، وإن أطلق لا يصح وتمامه عرف في النكاح، ولو علق عتقه بأداء ثوب أو دابة أو حيوان فأدى لا يعتق الجهالة الفاحشة على ما بيناه، وإن كاتبه على حيوان موصوف فأدى القيمة أجبر على قبولها كما قلنا في المهر‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو كاتب الذمي عبده على خمر جاز‏)‏ إذا ذكر قدرا معلوما، وكذلك إذا كاتبه على خنزير لأنه مال في حقهم ‏(‏وأيهما أسلم فللمولى قيمة الخمر‏)‏ لأنه إن كان العبد هو المسلم فهو ممنوع من تمليكها، وإن كان المولى فهو ممنوع من تملكها فوجبت القيمة، وأيهما أدى عتق، لأن القيمة تصلح بدلا كالكتابة على حيوان موصوف فيعتق بأيهما كان‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏في مكاتبة عبدين بعقد واحد‏]‏

‏(‏ولو كاتب عبديه كتابة واحدة إن أديا عتقا، وإن عجزا ردا إلى الرق ولا يعتقان إلا بأداء الجميع‏)‏ لأن الكتابة واحدة وشرطه فيها معتبر ‏(‏ولا يعتق أحدهما بأداء نصيبه‏)‏ لما قلنا ‏(‏فإن عجز أحدهما فرد إلى الرق‏)‏ إما بتصالحهما أو رده القاضي ولم يعلم الآخر بذلك ‏(‏ثم أدى الآخر جميع الكتابة عتقا‏)‏ لأنهما كشخص واحد؛ ألا ترى أنهما لا يعتقان إلا بأداء الجميع، فكذا لا يردان إلا بعجزهما، ولأن الغائب يتضرر بهذا القضاء لأنه لو نفذ تسقط حصته من البدل ولا يعتق بأداء حصته، والحاضر ليس بخصم عنه فيما يضره، وكذا لو سعى بعد ذلك وأدى نجما أو نجمين ثم عجز ورد في الرق فهو باطل، لأن رده الأول لما لم يصح صار كالعدم فلا يتحقق العجز لاحتمال قدرة الأول‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ولو كانا لرجلين فكاتباهما كذلك فكل واحد منهما مكاتب بحصته يعتق بأدائها‏)‏ لأن كل واحد منهما إنما استوجب البدل على مملوكه، ويعتبر شرطه في مملوكه لا في مملوك غيره، بخلاف المسألة الأولى لأن شرطه معتبر في حقهما لأنهما مملوكاه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن كاتبهما على أن كل واحد منهما ضامن عن الآخر جاز‏)‏ استحسانا، ويجعل كل واحد منهما أصيلا في وجوب الألف عليه ويكون عتقهما معلقا بأدائه ويجعل كفيلا بالألف في حق صاحبه تصحيحا لتصرفهم لحاجتهم إلى الخروج عن الرق، وإذا كان كذلك‏.‏ ‏(‏فأيهما أدى عتقا‏)‏ لوجود الشرط ‏(‏ويرجع على شريكه بنصف ما أدى‏)‏ لأنه قضى دينا عليه بأمره فيرجع عليه تحقيقا للمساواة بينهما، ولو لم يرجع بشيء أو رجع بالجميع لا تحصل المساواة بينهما، ولو أعتق المولى أحدهما قبل الأداء عتق لما بينا وسقطت حصته لما تقدم ويبقى على الآخر النصف لأن البدل مقابل برقبتيهما على الحقيقة، وإنما جعلناه على كل واحد منهما احتيالا لصحة الكفالة وبعتق أحدهما استغنيا عن ذلك، وإذا كان مقابلا بالرقبتين تنصف وللمولى أن يأخذ بالنصف الباقي أيهما شاء المعتق بالكفالة وصاحبه بالأصالة؛ ولو كاتب نصف عبده جاز وصار نصفه مكاتبا، وعندهما يصير كله مكاتبا بناء على تجزي الإعتاق وعدمه، فيصير نصفه مكاتبا ونصفه مأذونا في التجارة، لأن الإذن لا يتجزى، ونصف أكسابه له ونصفها للمولى، فإذا أدى عتق نصفه وسعى في نصف قيمته، ولا حق للمولى في أكسابه بعد العتق لأنه مستسعى وهو كالمكاتب عنده، ولا حق للمولى في أكساب المكاتب‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏في موت المكاتب‏]‏

‏(‏وإذا مات المكاتب وترك وفاء أديت مكاتبته وحكم بحريته في آخر جزء من أجزاء حياته ويعتق أولاده، فإن فضل شيء فلورثته‏)‏ روي ذلك عن علي وابن مسعود، ولأنه عقد معاوضة لا ينفسخ بموت أحدهما وهو المولى فلا ينفسخ بموت الآخر تسوية بينهما كما في البيع، ولأن البدل كان في ذمته ولم تبق صالحة لذلك بالموت، ولهذا حل به الأجل فينتقل إلى التركة كسائر الديون فخلت الذمة، وخلو الذمة يوجب العتق، إلا أنه لا يحكم بالعتق حتى يصل المال إلى المولى مراعاة لحقه، وليتحقق خلو ذمته لاحتمال هلاك تركته قبل الأداء، فإذا وصل حكم بحريته في آخر جزء من أجزاء حياته فيموت حر ويعتق أولاده تبعا له على ما قدمناه، فإن فضل شيء فلورثته لأنه حر وهم أحرار‏.‏ ‏(‏فإن لم يترك وفاء وترك ولدا في الكتابة سعى كالأب‏)‏ معناه على نجومه، فإذا أدى حكم بعتق ابنه قبل موته وعتق الولد لأنه داخل في كتابة أبيه، لأنه وقت العقد كان من أجزاء الأب متصلا به فورد العقد عليه فدخل في كتابته وكسبه ككسبه فيخلفه في الأداء وصار كما إذا ترك وفاء‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن ترك ولدا مشترى فإن أدى الكتابة حالا وإلا رد في الرق‏)‏ وقالا‏:‏ هو كالمولود في الكتابة لأنه يتكاتب عليه تبعا له فاستويا‏.‏ ولأبي حنيفة أن المشتري لم يدخل تحت العقد لأن العقد لم يضف إليه لانفصاله عن الأب وقت العقد فلا يسري إليه حكمه، بخلاف المولود في الكتابة، لأنه متصل به حالة العقد فسرى العقد إليه ودخل في حكمه فسعى في نجومه، إلا أن المشتري إذا أدى في الحال يصير كأن المكاتب مات عن وفاء فيحكم بعتقه آخر عمره فيعتق ولده تبعا على ما بينا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا مات المولى أدى الكتابة إلى ورثته على نجومه‏)‏ لأنهم يخلفونه في الاستيفاء ‏(‏وإن أعتقه أحدهم لم يعتق‏)‏ لعدم الملك فإنه لا يملك بسائر أسباب الملك فكذا بالإرث ‏(‏وإن أعتقوه جميعا عتق‏)‏ لأنه يصير إبراء عن بدل الكتابة، لأن الإرث يجري في البدل، والإبراء عنه موجب للعتق كما لو أبرأه المولى إلا أن إعتاق البعض لا يوجب إسقاط نصيب من البدل، لأنه لا يمكن جعله إبراء مقتضي للعتق ولا عتق، فإنه لو أعتقه البعض لا يعتق، ولا يمكن أن يجعله إبراء عن الكل لتعلق حق الغير به‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإذا عجز المكاتب عن نجم نظر الحاكم، فإن كان له مال يرجو وصوله أنظره يومين أو ثلاثة ولا يزاد عليها‏)‏ لأن في ذلك نظرا للجانبين، والثلاث مدة تضرب لإبلاء الأعذار كما في إمهال المديون للقضاء ونحوه‏.‏ ‏(‏وإن لم يكن له جهة عجزه وعاد إلى أحكام الرق‏)‏ وقال أبو يوسف‏:‏ لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان وهو مأثور عن علي رضي الله عنه‏.‏ ولهما أن العجز سبب للفسخ وقد تحقق، فإن من عجز عن نجم كان عن نجمين أعجز، ولأنه فات مقصود المولى وهو وصول المال إليه عند حلول النجم فلم يكن راضيا فيفسخ، واليومان والثلاثة لا بد منهما لإمكان الأداء وليس بتأخير، والأثر معارض بما روي ‏(‏أن ابن عمر رضي الله عنهما عجز مكاتبة له حين عجزت عن نجم واحد وردها إلى الرق فتعارضا‏)‏ فإن عجز عن نجم عند غير القاضي فرده مولاه برضاه جاز، لأن الفسخ بالتراضي يجوز من غير عذر فبعذر أولى، وإن أبى العبد ذلك فلا بد من القضاء بالفسخ لأنه عقد لازم فلا بد في فسخه من القاضي أو الرضى كسائر العقود، وإذا فسخه عاد إلى أحكام الرق، لأن بالفسخ تصير الكتابة كأن لم تكن، وما في يده من أكسابه لمولاه لأنها كسب عبده، والله أعلم‏.‏

كتاب الولاء

‏(‏وهو نوعان‏:‏ ولاء عتاقة‏)‏ ويسمى ولاء نعمة ‏(‏وولاء موالاة؛ وسبب ولاء العتاقة الإعتاق‏)‏ لإضافته إليه، والحكم يضاف إلى سببه، وسواء كان ببدل أو بغير بدل أو للكفارة أو لليمين أو بالنذر ‏(‏وعتق القريب بالشراء، والمكاتب بالأداء، والمدبر، وأم الولد بالموت إعتاق‏)‏ لأن جميع ذلك يضاف إليه فيكون من جهته فيدخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏الولاء لمن أعتق‏)‏ والمقصود من الولاء بنوعيه التناصر، وكانت الجاهلية يتناصرون بأشياء‏:‏ منها الحلف وغيره، فقرر صلى الله عليه وسلم تناصرهم بنوعي الولاء فقال‏:‏ ‏(‏مولى القوم منهم‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏حليف القوم منهم‏)‏ والمراد بالحليف مولى الموالاة فإنهم كانوا إذا عقدوا عقد الولاء أكدوها بالحلف‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ويثبت للمعتق ذكرا كان أو أنثى، وإن شرطه لغيره أو سائبة‏)‏ لإطلاق ما روينا ‏(‏ولا ينتقل عنه أبدا‏)‏ لأنه عتق على ملكه وتأكد السبب من جهته فلا ينتقل عنه ‏(‏فإذا مات فهو لأقرب عصبته فيكون لابنه دون أبيه إذا اجتمعا‏)‏ وفيه اختلاف ذكرته ودلائله في الفرائض من هذا الكتاب بعون الله تعالى‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن استووا في القرب فهم سواء‏)‏ لاستوائهم في العلة وهي القرابة والعصوبة‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وليس للنساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو جر ولاء معتقهن‏)‏ لأنهن لسن بعصبة، أو لأن السبب النصرة ولسن من أهلها، ولقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏ليس للنساء من الولاء إلا من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن أو جر ولاء معتقهن أو معتق معتقهن‏)‏ وهذا دليل على ثبوت الولاء لهن إذا أعتقن أو كن سببا في الإعتاق، وينفي ثبوت الولاء لهن بعد ذلك، ويؤيد هذا حديث ابن حمزة وقد ذكر في الفرائض أيضا، ولأنها ساوت الرجل في السبب وهو الإعتاق، فإذا استحقت ميراث معتقها فكذا معتق معتقها لأنها تسببت إلى عتقه، ولأن معتقه ينسب إليها بالولاء، وصورة جر ولاء معتقهن‏.‏ ‏(‏بأن زوجت عبدها معتقة الغير فولدت فولاؤه لموالي الزوجة‏)‏ لأن الأب عبد لا ولاء له، فإذا أعتق جر ولاء ابنه إلى مواليه، وصورة معتق معتقهن إذا أعتقت عبدا فاشترى عبدا وزوجه معتقة الغير فولدت منه فولاء أولادها لمواليها لما بينا، فإذا أعتق معتق المرأة العبد جر ولاء أولاده إليه، ويكون ذلك الولاء لمعتقه، فذلك جر ولاء معتق معتقها، ولو أعتقت الأم وهي حامل فولدت لا ينتقل الولاء عن مواليها أبدا لأن العتق ورد على الولد لأنه كان موجودا متصلا بها وقت العتق فلا ينتقل ولاؤه كما إذا أعتقه قصدا، ويعرف ذلك إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم العتق على ما عرف، وكذا إذا ودلت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر لأنهما خلقا من ماء واحد، والأصل في جر الولاء قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏الولاء لحمة كلحمة النسب‏)‏ والنسب إلى الآباء فكذا الولاء، فإذا امتنع إثباته إلى الأب المانع، فإذا زال المانع عاد الولاء إلى الأب عملا بالأصل كولد الملاعنة ينسب إلى أمه، فإذا أكذب الأب نفسه ثبت نسبه منه‏.‏ وروي أن الزبير بن العوام رأى بخيبر فتية لعسا أعجبه ظرفهم وأمهم مولاة لرافع بن خديج وأبوهم عبد لبعض جهينة أو لبعض أشجع فاشترى أباهم فأعتقه وقال لهم انتسبوا إليّ، فقال رافع‏:‏ بل هم موالي، فاختصما إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير من غير مخالفة من غيره‏.‏ ولو أعتق الجد لا يجر الولاء، ولا يكون الصغير مسلما بإسلام جده، فإن المسلمين لم يجعلوا الصغار مسلمين بإسلام آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام وهما جدان‏.‏ وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يكون مسلما تبعا للجد، ويجر الجد ولاءه لأن الجد بمنزلة الأب عند عدمه‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وسبب ولاء الموالاة العقد‏)‏ والمطلوب منه التناصر، وله ثلاثة شرائط‏:‏ أن لا يكون له معتق لأن ولاء العتاقة أقوى فيمنع ثبوت الأضعف‏.‏ الثاني أن لا يكون عربيا لأن العرب لا يسترقّون فلا يكون عليهم ولاء العتاقة فولاء الموالاة أولى‏.‏ والثالث أن لا ينتسب إلى أحد ولا يكون له نسب معروف، وهو عقد مشروع لقوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عمن أسلم على يدي رجل فقال‏:‏ ‏(‏هو أحق الناس به محياه ومماته إن والاه‏)‏ أي بميراثه لا بشخصه‏.‏ وروي أن رجلا أسلم على يد تميم الداري ووالاه، فقال له عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏هو أخوك ومولاك تعقل عنه وترثه‏)‏‏.‏ ‏(‏وصورته‏:‏ إذا أسلم على يد رجل ووالاه على أن يرثه ويعقل عنه فقال‏:‏ أنت مولاي ترثني إذا مت، وتعقل عني إذا جنيت فيقبل الآخر فذلك صحيح‏)‏ وكذا إذا أسلم على يد رجل ووالى غيره صح ‏(‏فإذا مات ولا وارث له ورثه‏)‏ لما روينا وتمامه يعرف في الفرائض، ويدخل في عقد الولاء الأولاد الصغار للتبعية والولاية، وكذا كل من يولد له بعد ذلك، ولأنهم يتبعونه في النسب فكذا في الولاء، فإن أسلم له ابن كبير على يد آخر ووالاه صح لانقطاع ولايته عنه، ومن شرطه أن يكون الموالي عاقلا بالغا حرا حتى لا يصح موالاة الصبي والعبد والمجنون؛ ولو والى الصبي بإذن الأب أو الوصي جاز والولاء للصبي، وإن والى العبد بإذن مولاه جاز وكان وكيلا عن مولاه، ويقع الولاء للمولى، لأن الصبي من أهل الولاء والعبد لا، لأن حكم الولاء العقل والإرث والعبد ليس أهلا لذلك فيثبت الولاء لأقرب الناس منه وهو المولى‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏وله أن يفسخ عقد الولاء بالقول والفعل‏)‏ لأنه عقد غير لازم لأن الأعلى متبرع بالقيام بنصرته وعقل جنايته، والأسفل متبرع بجعله خليفته في ماله والتبرع غير لازم ما لم يحصل به القبض أو العوض كالهبة‏.‏ وله أن يفسخ بالقول بحضرة الآخر وبالفعل مع غيبته بأن يوالي غيره كعزل الوكيل بالقول يشترط علمه لأنه عزل قصدا وبالفعل لا يشترط لأنه عزل حكما‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن عقل عنه أو عن ولده ليس له ذلك‏)‏ لحصول العوض كالهبة، وكذا إذا كبر أحد أولاده فليس له أن يرجع عنه بعد ما عقل لما ذكرنا أنه دخل في عقده وولائه قال‏:‏ لا ‏(‏وإذا أسلمت المرأة ووالت أو أقرت بالولاء وفي يدها ابن صغير تبعها في الولاء‏)‏ وقالا‏:‏ لا يتبعها لأنه لا ولاية لها على ماله فعلى نفسه أولى، وله أنه بمنزلة النسب وهو نفع محض فيملكه عليه كقبض الهبة، والله أعلم‏.‏